في كل مرة تستلم فيها راتبك، ربما تقول لنفسك: "سأدّخر هذه المرة، ولو مبلغًا بسيطًا."
ثم تمضي الأيام، وتتفاجأ أن المال قد انتهى، ولا تعلم أين ذهب بالضبط.
لا تقلق، فأنت لست وحدك. كثيرون يعانون من هذه المشكلة، لكن الخبر الجيد هو أن الادخار ممكن للجميع، مهما كان مقدار الدخل.

دعنا نُبعد فكرة أن الادخار يعني الحرمان أو التقشف الشديد.
الادخار ببساطة هو فن تنظيم المال، والتفكير في المستقبل، والقدرة على أن تقول لنفسك "لا" أحيانًا من أجل أن تقول "نعم" في وقت أفضل.

لماذا نُدّخر؟

نُدّخر من أجل الطوارئ، من أجل هدف نريده، من أجل مشروع نحلم به، أو حتى من أجل أن نشعر بالأمان.
فالمال الذي تدّخره ليس فقط أرقامًا محفوظة، بل هو طمأنينة وراحة بال.

كيف تبدأ بالادخار فعليًا؟

أولاً: ابدأ بمبلغ صغير – لا حاجة لأن تبدأ بمبلغ كبير. لو استطعت أن تدّخر 10 أو 20 ريالًا يوميًا، فهذا يعني 300 إلى 600 ريال شهريًا. قد يبدو المبلغ بسيطًا، لكنه بداية ممتازة.

ثانيًا: ادّخر أولاً، ثم اصرف – حين يصلك المال، اقتطع جزءًا منه فورًا للادخار، ولو كان 10% فقط.

ثالثًا: راقب مصاريفك – سجّل أين يذهب مالك، ولو لمدة شهر واحد فقط. ستتفاجأ أن هناك أشياء كثيرة تستهلك دخلك دون أن تشعر.

رابعًا: حدّد هدفًا واضحًا – الادخار بدون هدف يصبح عادة مملة وسهلة الكسر. اجعل هدفك مكتوبًا أمامك.

خامسًا: فكر طويل الأمد – حين تكون لديك مدخرات، تستطيع أن تأخذ قراراتك براحة أكبر.

أخطاء شائعة تمنعك من الادخار دون أن تشعر

كثير من الناس يقولون: "أنا أحاول أن أدّخر، لكن لا أستطيع!"
وقد يبدو الأمر محبطًا، لكن السبب غالبًا ليس أنك لا تملك المال، بل أنك ترتكب بعض الأخطاء الصغيرة التي تسحب منك المال دون أن تلاحظ.

1. تأجيل الادخار إلى نهاية الشهر

إذا قلت: "سأدّخر مما يتبقى من راتبي"، ففي الغالب لن يتبقى شيء. الطريقة الصحيحة هي أن تدّخر أولًا، ثم تنفق ما تبقى.

2. الإنفاق العاطفي

هل سبق وأن اشتريت شيئًا لأنك كنت متوترًا أو فقط تشعر بالملل؟ الإنفاق العاطفي يستنزف المال دون فائدة. اسأل نفسك دائمًا: "هل أحتاج هذا فعلًا؟"

3. عدم معرفة أين يذهب المال

"لا أعلم كيف أنفقت راتبي!" جملة شائعة والسبب هو أنك لا تسجل مصاريفك. اكتب كل ما تنفقه، حتى تكتشف أين يضيع المال.

4. الاعتماد على بطاقات الدفع دون رقابة

البطاقة تجعل الصرف سهلًا وغير محسوس، بعكس الدفع النقدي. لذا حدّد ميزانية شهرية للبطاقة، وراقب استخدامها.

5. الشراء بسبب العروض فقط

لا تدع الخصومات تغريك. الشراء الذكي لا يعني شراء أكثر، بل شراء ما تحتاجه فقط، حتى وإن لم يكن عليه خصم.

6. عدم وجود هدف واضح للادخار

حين يكون لديك سبب واضح للادخار، يصبح من السهل الالتزام. الهدف يمنحك الحافز للاستمرار.

في الختام

الادخار لا يعتمد على مقدار الدخل، بل على طريقة التفكير. كل ريال تدّخره اليوم، هو خطوة نحو حرية مالية غدًا.

ابدأ الآن، ولو بمبلغ بسيط. الأمان المالي لا يبدأ بكثرة المال، بل بحسن إدارته.